تم تبشير مدينة قره قوش، اسمها السرياني الأصلي بغديديه (بغديدا)، على الأغلب في القرن السابع – والبعض الآخر يجادل أنه في نهاية القرن الرابع – وأصبحت مركزا رئيسيا للكنيسة السريانية الأرثوذكسية قبل الانتقال إلى الكاثوليكية في القرن الثامن عشر. تجسد هذه الملحمة الأرثوذكسية القديمة اليوم كنيسة مار كوركيس في قره قوش.

تم تأسيس كنيسة مار كوركيس القديمة في القرن السادس. المصدر الوحيد الذي ذكر هذا هو المطران بولس بهنام في دراسته عام 1949 عن الكنائس اليعقوبية ( السريانية – الأرثوذكسية ) في قره قوش. تم ذكرها لاحقاً ضمن كتاب للصلوات عام 1270. في القرن الثامن عشر عندما دخلت الكاثوليكية وبقوة سهل نينوى وخاصة قره قوش، حصل السريان الذين تحولوا إلى الكاثوليكية على إذن لبناء مذبح ضمن كنيسة مار كوركيس.

أعيد ترميمها عام 1866، ولاتزال أبعادها واضحة في القرن العشرين، وما بقي اليوم من البناء لا علاقة له بما كانت عليه في السبعينات. منذ بناء الكنيسة الحديثة، اعتُبرت القديمة بسيطة للغاية فهي مصنوعة من التراب، الجص والأسمنت المسلح. كنيسة غريبة مؤلفة من ثلاثة أضرحة صغيرة متتالية، وما بقي منها يشير إلى مجد تراثها.

لا تزال تضم كنيسة مار كوركيس اثنتين من اللافتات التذكارية، وقال جان موريس فييه عندما زارها في القرن الماضي: تخبرنا إحداها عن الطاعون الكبير في قره قوش عام 1773، والذي أسفر عن مقتل “جميع السكان تقريبا”، 4000 قتيل، بينهم 52 كاهنا وشماس، وتحدثنا الأخرى عن حفر بئر قره قوش عام 1739.

تعتبر كنيسة مار كوركيس للسريان الأرثوذكس في قره قوش كنيسة مزدوجة حيث توجد الكنيسة القديمة والحديثة. الأولى صغيرة ذو مظهر صخري. أما الثانية فهي ضخمة مغطاة بقبة حديدية.

تشهد الأولى على الحقبة الماضية، أما الثانية فهي نداء للحداثة. ومع ذلك تقعان بجانب بعضهما البعض، ملتصقتان كخط ليوحّد بين الماضي والحاضر. يشكل هذان البناءان مركزاً روحياً، ويكملهما مباني وظيفية أخرى حيث يحدّها جدار من الضميمة.

في حديقة الكنيسة، التي كانت في وقت ما تضم مقبرة، يقف تمثال كبير لمار كوركيس مصنوع من الاسمنت وهو يقتل التنين الذي تم تدميره، كرمز للمشرق المسيحي، من قبل المجاهدين القتلى.

لا شك أن مار كوركيس تحمل طوال تاريخ حياته جيوش الغزاة الذين نجحوا في دخول قره قوش. ولسوء الحظ، فإن الهجوم الأخير، بالإضافة إلى التدنيس والتدمير، حوّل المجال الديني إلى مختبر لتصنيع القنابل والأجهزة المتفجرة. كما عانت الكنيسة من أضرار الحرب المتعلقة باستعادة قره قوش في تموز 2016. وهكذا، شوه القصف برج الجرس الذي يمثل مدخل المكان. يشهد هيكلها العظمي، المرئي من بعيد، على العنف الذي يعاني منه التراث المسيحي للمدينة. كان السريان الأرثوذكس أقلية في قره قوش. وقد أدت هجرة عام 2014 إلى تقليص وجودهم. ومع ذلك، قامت الرعية بتنظيف الغبار المتراكم على الكنيسة لمدة 3 سنوات. لحسن الحظ، تم الحفاظ على داخل الكنيسة مما يسمح للمؤمنين بالعودة إلى هناك لإقامة الصلوات.