لا شك أن تاريخ ما قبل المسيحية في ديربون وفي القرى الأخرى في المنطقة متشابه: وجود قديم للطائفة اليهودية ثم التبشير بالمسيحية منخلال الرسل توما(على الأغلب الرسول تداوس والملقب أيضاً ضمن الأناجيل بيهوذا) ، أدي وماري. تميز القرن الرابع الميلادي بكثرة الدعوات والقصص الشعبية التي تروي حياة الشهداء الذين اضطهدوا من قبل الملك الفارسي شابور الثاني. وخلال هذه الفترة الطويلة ظهرت الصوامع وانتشرت أماكن العبادة وتدريجيا تم إنشاء الكنائس والديرة السريانية.

خلال هذه القرون الطويلة وحتى سقوط الإمبراطورية العثمانية كانت وديان وجبال ما بين النهرين مزدهرة بالأيمان وملجأ للكنيسة الشرقية على جانبي الحدود التركية – العراقية الحالية ، بينما ازدهرت هناك منذ القرن السابع عشر و الثامن عشر البعثات الكاثوليكية. وهكذا وعلى الأرجح، انتقلت قرية ديربون إلى الكنيسة الكلدانية (الكاثوليكية) في القرن التاسع عشر، أي في نفس الوقت الذي انتقلت فيه قرية فيشخابور الحدودية الكبيرة.

في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين انهار هذا المجتمع والتكوين الطائفي خاصة مع تزايد عدد غارات القبائل الكردية على القرى المسيحية والإبادة الجماعية للأرمن والآشوريين و السريان بين عامي 1915-1918  من قبل الإمبراطورية العثمانية التي تفككت لاحقاً. خلال فترة الإبادة الجماعية ، كانت بلدة ديربون الصغيرة جزئاً من ولاية الموصل العثمانية و نقطة مرور واستقرار للمهجّرين.  ولهذا السبب فإن أغلب سكان ديربون هم من أصل تركي.

لم يكن ما تتبقى القرن العشرين ، حتى في ظل الإدارة العراقية منذ عام 1921 أفضل. فبين عامي 1961 و 1991 ، وقع قتال وقصف متكرران بين الانفصاليين الأكراد ونظام بغداد ، مما أدى إلى نقل الأشخاص من القرى إلى المدن الكبيرة والعكس بالعكس ، والذي كان من الواضح أنه شمل المناطق والمجتمعات المسيحية ، مع عواقب وخيمة جدا على التراث المسيحي. تعرضت عشرات القرى المسيحية على حدود سوريا وتركيا وإيران للقصف والدمار. “لقد تم تدمير الكنائس القديمة ، التي تعود إلى أكثر من عشرة قرون[1]”. ففي محافظة دهوك – نهادراالتي تحوي ديربون،  تم تفجير مئات الكنائس (الرقم الحقيقي أعلى من ذلك بكثير) و تدمير مائتي مخطوطة على الأقل[2]”. بالتأكيد لم يصل داعش إلى كردستان العراق ، لكن “سجلت سنوات حكم صدام أمر فظيع بالنسبة للجالية المسيحية في كردستان[3]”. في النصف الثاني من التسعينيات ، بعد حرب الخليج والظهور التدريجي لكردستان المتمتعة بالحكم الذاتي ، عاد المسيحيون في كردستان إلى مدنهم وقراهم الأصلية. تسارعت هذه الحركة منذ عام 2003 ، مع سقوط صدام حسين وظهور اضطهاد المافيا الإسلامية للمسيحيين. وهكذا أعيد توطين قرية ديربون مع العائلات الكلدانية القادمة من بغداد والموصل وسهل نينوى. تم بناء 150 منزلاً بدعم من حكومة إقليم كردستان العراق. في شباط 2017 ، كان هناك 80 عائلة كلدانية في ديربون[4].

_______

[1]ضمن نماء 1995، كريس كوتستشيرا،www.chris-kutschera.com/chretiensirak.htm . تم ترميم كنيسة بيدار وتم إعادة استخدامها لأغراض دينية.

[2]ضمن كتاب المخطوطات السريانية، امير حراك، اكاديمية الآداب 2010 ص 533

[3]ضمن الكتاب الأسود لصدام حسين، كريس كوتستشيرا 2005 ص 398

[4]تم جمع هذه المعلومات من قبل ميزوبوتاميا في شباط عام 2018 من الأب مدحت اسحق بيداويد، كاهن ديربون.

معنى اسم القرية باللغة السريانية هو دير الآب مما يؤكد وجود دير تم بناؤه على الأغلب في القرن الحادي عشر أو الثاني عشر[1]، حيث تواجد هناك في القرنين الثالث عشر والرابع عشر “مجموعة مهمة من الرهبان[2]” ، ولكن لم يعد هناك أثر مرئي له. أكدت مناقشة تمت بين باحثين على اسم الآبالذي كرس له هذا الدير . وبحسب التقاليد، يعود هذا الاسم إلى البطريرك الأسطوري نوح[3]. ومع ذلك فمن المحتمل أن كنيسة قلب يسوع الأقدس قد بنيت في مكان الدير الذي اختفى. لا يمكننا استبعاد هذه الفرضية حتى لو أنها غير موجودة ضمن الذاكرة المحلية. فهي تبدو متجانسة مع ممارسات التراث المسيحي في بلاد ما بين النهرين.

بدأ بناء كنيسة قلب يسوع الأقدس في عام 1934 واكتمل في عام 1937. تم التخلي عن الكنيسة ومن ثم إعادة استخدامها تدريجياً ، وجددت في الفترة ما بين عامي 2005-2007 عندما استقرت بعض الأسر الكلدانية الجديدةفي المنطقة.

يدعى كاهن كنيسة قلب يسوع الأقدس في ديربون أبونا مدحت إسحاق بيداويد. يعود أصله إلى بغداد ، يعيش في زاخو ويخدم ثلاثة أبرشيات محلية ، فيشخابور، بخديدا[4]وديربون.

_______

[1]ضمن كنائس واديرة كردستان العراق قبل وبعد الإسلام. رسالة دكتوراه نارمان علي محمد أمين ، جامعة سانت كانتان في ايفلين تحت اشراف جورج تات و جان ميشيل تيري، أيار 2001 ص213

[2]ضمن آشور المسيحيةجزء 2 جان موريس فييه، مطبعة الكاثوليك في بيروت 1965، ص 749-755

[3]id

[4]أو باجيد

مستوى كنيسة قلب يسوع الأقدس في ديربون منخفض قليلاً عن الشارع وهي محاطة بالحدائق من الجنوب والشمال ويوجد منزل رجال الدينفي الطرف الشمالي الشرقي.

يعلو الكنيسة ، التي يبلغ طولها حوالي 23 متراً وعرضها 6 أمتار ، سقف معقود. من جهة الغرب يوجد برج الجرس الحديث. إلى الشرق ، فوق المكان المقدس ، تقع القبة النصف كروية المرتكزة على أسطوانة مثمنة الشكل بدون نوافذ.

الكنيسة محاطة بصالة من جهة الجنوب والشرق والشمال. إلى الشمال الشرقي للمبنى تم بناء نموذج لمغارة لورد مع تمثال لمريم العذراء.

يقع المدخلان في الجهة الجنوبية أسفل الممر . في الداخل ،تعتبر الكنيسة أحادية الصحن ذو تصميم بسيط ومجرد. تم تحويل القبة القديمة إلى سقف ووضع البلاط في أرضية الكنيسة وطلاء جدرانها بطبقة بيضاء، أما المذبح فهو مفروش بالسجاد.

تم فصل الصحن عن المكان المقدس بواسطة باب مقوّس حيث يوجد مذبح متواضع. جدران المكان المقدس مغطاة بألواح مسبقة الصنع يقابلها من جهة الغرب منبر الجوقة.