دير القديسة بربارة (مارت بربارة) في كرمليس
يقع دير القديسة بربارة 36.30582 شمالا ً 43.41022شرقاً وعلى ارتفاع 293 متر على مدخل مدينة كرمليس المعروفة بسوقها الكبير الذي يذكره العديد من الكتّاب القدامى.
في النصف الأول من القرن الرابع عشر أفاد العالم ابن عبد الحق أن سكان كرمليس كانوا من المسيحيين. تمثل القديسة بربارة والمشهورة بكل أنحاء الشرق المسيحي، موضوع العديد من التقاليد. كانت القديسة بربارة في كرمليس والتي آمنت بالمسيحية ابنة حاكم المدينة. يضم دير القديسة بربارة .قبر الشهيدة الشابة. قد تكون التلة التي بني عليها الدير موقع قصر الحاكم وابنته الشهيدة
الموقع
يقع دير القديسة بربارة 36.30582 شمالا ً 43.41022شرقاً وعلى ارتفاع 293 متر على مدخل مدينة كرمليس المعروفة بسوقها الكبير الذي يذكره العديد من الكتّاب القدامى. تم بناء الدير على واجهة تلة (اصطناعية) أثرية، يفصلها عن المدينة الطريق الواصل بين قره قوش 5كم جنوباّ وبرطلة 10كم شمالاً.
التسمية
يوجد العديد من المصادر المقترحة لتفسير اسم القرية. أحدها يعود للكلمات الآرامية كرم ليت، التي تعني < خالي من الكروم > بحسب ياقوت الرومي، رحّالة وكاتب موسوعات في القرن الثالث عشر.
ويرى المستشرق الدومينيكان تفسيراً آخر: { كار ميس هو اسم آشوري، ويعني القرية المدمرة }[1].
[1] جان موريس فييه، آشور المسيحيية. صفحة 400
نبذة تاريخية
غالبا ما يتم التعريف عن كرمليس عن طريق ذكر معركة غوغميلا بين جيشي الإسكندر المقدوني و داريوش الثالث عام 331 قبل الميلاد. بحسب عالم الجغرافيا فيتال كينيه، { من المحتمل جداً أن هذه المعركة حدثت في شمال كرمليس، ابتداء من هذه القرية وحتى غزير (…) حيث يمتد السهل لدرجة أن فرسان الفرس استطاعوا التقدم بسهولة}[1]. ويتساءل جان موريس فييه عن هذا التحديد الجغرافي ويجادل بأن “دراسة أفضل للنصوص، وخاصة موقع الجسر فوق الزاب الذي اقترضه المتحاربون بعد الحرب، تجعل مكان انتصار اسكندر يتجه نحو الشمال.[2] ”
[1] تركيا الأسيوية، المجلد الثاني، ارنست ليرو، 1891، صفحة 830
[2] جان موريس فييه، آشور المسيحيية. صفحة 401
نبذة من التاريخ المسيحي
يبدو أن مسيحية كرمليس كانت مبكرة إلى حد ما. فمنذ عام 562 وسكان كرمليس “ساعدوا في بناء دير بار ايتا، الذي يدعى كرمليس العظيم“[1]. يشير عالم الجغرافيا فيتال كوينت إلى أنه في عام 1881 “ضمن كنيسة قديمة، كبيرة ومبنية بشكل جيد في كرمليس، تم العثور على صندوق خشبي صغير، مغطى بلوحات من الحديد ومغلف بالإسفلت، ويحتوي على آثار مقدسة تعود للقديسين أدي و إيشو مع نقش كلداني يشهد على أصالته[2]. “
تخضع كرمليس، كجميع المدن المسيحية في بلاد ما بين النهرين، لجميع أنواع الهجمات والدمار. وهكذا في عام 1235، أفادت تقارير ابن العبري، مفريان السريان الأرثوذكس، الباحث والكاتب في القرن الثالث عشر، أن المغول محاصرين كرمليس. “هرب السكان إلى الكنيسة المحاطة بالمغول. وقف اثنين من النبلاء على أبواب الكنيسة. واحد منهم كان يمنح الحرية للذين كانوا يخرجون من بابه، والآخر يقتل الرجال والنساء والأطفال الذين مرّوا من بابه.[3] ” كانت هذه القصة موضوع القصائد التي استمرت حتى يومنا هذا.
في النصف الأول من القرن الرابع عشر، أفاد العالم ابن عبد الحق أن سكان كرمليس كانوا من المسيحيين. في عام 1743 هاجم الإمبراطور الفارسي نادر شاه القرية ونهبها ودمرها كما فعل في جميع أنحاء المنطقة. كما أصاب الطاعون كرمليس أكثر من مرة وعلى وجه الخصوص في عام 1828. يتجلى ذلك في رسالة من الأسقف بيير ألكسندر كوبري، أسقف بابل والقنصل الفرنسي، بتاريخ 29 آب ونقلت في مجلة البعثات الدومينيكية في عام [4]1927. وكتب أن:
” المجاعة والحرب الأهلية والطاعون دمروا ما لا يقل عن نصف السكان المسيحيين في الموصل وكردستان“. وهذا يشمل كرمليس. هذا الطاعون ربما لم يكن الأول من نوعه، لأنه أصاب الموصل في الأعوام 1738-1737، وقره قوش القريبة عام 1773.
انضم المسيحيون تدريجيا في كرمليس إلى الكنيسة الكلدانية، الذين كانوا أصلا أعضاء الكنيسة الشرقية (الكنيسة الفارسية). ومن المعروف أن كنيسة القديسة بربارة هي أول كنيسة كلدانية في العراق. احصى جان موريس فييه في ذلك الزمن 2100 نسمة، معظمهم من الكلدان وأقلية سريانية أرثوذكسية تتكون من 35 عائلة. كما أشار إلى وجود البعض من الأرمن. كان الطبيب والمستكشف الإنكليزي إدوارد إيف من تيتشفيلد هامبشاير[5]، من أوائل العلماء الأوروبيين الذين أعادوا تسجيل قصة دير القديسة بربارة. في 2 تموز عام 1758، وصل إلى كرمليس حيث أفاد على لسان السكان عن أعمال التدمير والنهب الفارسية لجدران الدير بحثا عن الذهب[6]. وعلى الفور، احتفظ إدوارد إيف بالكتاب الذي كان موجوداً في المتحف البريطاني[7]. وبعد سبع سنوات وفي عام 1765، جاء الأب الدومينيكاني دومينيكو لانزا للاحتفال بالقداس الإلهي هناك.
[1] id
[2] تركيا الأسيوية، المجلد الثاني، ارنست ليرو، 1891، صفحة 830
[3] جان موريس فييه، آشور المسيحيية. صفحة 402
[4] مهمة الدومينيكان، صفحة 36
[5] رحلة من بريطانيا إلى الهند
[6] جان موريس فييه، آشور المسيحيية. صفحة 405
[7] id
نبذة عن حياة القديسة بربارة
تعتبر القديسة بربارة والمشهورة في المشرق المسيحي موضوع العديد من التقاليد. يقال أنها ولدت عام 210 وتوفيت شهيدة في سن الخامسة والعشرين عام 235 في مدينة نيكوميديا (ازميت، تركيا). كشفت أعمال التنقيب الحاصلة ضمن القبر في شمال المدينة، حيث سُجنت، عن وجود ذخائر للقديسة بربارة.
يقال أيضا ًأنها مصرية، استشهدت في هيليوبوليس. كانت ابنة حاكم المدينة واعتنقت المسيحية سراً مع خادمتها جوليانا حيث استشهدتا معاً. أراد والد القديسة بربارة الانتحار بعد أن تعرضت ابنته للتعذيب الفظيع حيث لم يتمكن من إقناع ابنته بالتخلي عن إيمانها. وفي لحظة قطع رأسها، تناثر سيف والدها لعدة قطع.
وصف الدير
يضم دير القديسة بربارة قبر الشهيدة الشابة. قد تكون التلة التي بني عليها الدير موقع قصر الحاكم وابنته. دمر نادر شاه قبر القديسة بربارة وسرق الذهب الذي وجده هناك مما أدى لإزالة النقوش الكتابية الموجودة عليه. بني قبر القديسة بربارة ثانية في عام 1766، ثم الكنيسة في عام 1797، بعد 54 عاما من غارات الفرس. قد يكون قبر القديسة بربارة الرخامي أيضا قبر جوليانا، خادمتها وشقيقتها في الإيمان.
تم ترميم دير وضريح القديسة بربارة في عام 1997 وفي عام 2009، قبل غزو داعش للمنطقة في عام 2014 وتحويله الموقع إلى قاعدة عسكرية.
ضمن قاعتين من الدير، قام المهاجمون الإسلاميون بحفر وبناء نفقين كبيرين للوصول إلى شبكة واسعة من الأنفاق تحت الأرض. إحدى المداخل سمح لهم بالتقدم وبالعيش تحت التلة دون أن يجدهم أحد. والآخر، سمح لهم بالوصول إلى قرية كرمليس حيث لم تتمكن الطائرات من رصد موقعهم. وكادت الأتربة الناتجة عن حفر هذه الأنفاق أن تدخل كنيسة الدير. دُفنت ممرات الكنيسة، قدس الأقداس والشهداء، تحت أطنان من الأنقاض. وقد تم وضع علامات وشتائم باللغة العربية على الواجهات الخارجية والداخلية للدير. تم تخريب جميع الصلبان، كذلك بعض الآثار الكتابية وخاصة تلك التي تغطي رخام قبر القديسة.
في تشرين الثاني عام 2016، وبعد هزيمة داعش، جاء فريق من المتطوعين الفرنسيين[1] والعراقيين لتنظيف الدير وترحيل أطنان من الأتربة المتراكمة ضمن كنيسة القديسة بربارة. وبدون نوايا لتنقيب الآثار، اكتشفوا في هذه المناسبة بعض الذخائر، مما يعني بدء صفحة جديدة ضمن قصة القديسة بربارة.
في 25 تموز عام 2017، جاء وفد من الأساقفة الفرنسيين، يترأسهم الكاردينال ورئيس أساقفة ليون، فيليب بارباران، لزيارة الدير وقبر القديسة بربارة، تضامناً مع مسيحيي العراق والصلاة مع مؤمني كرمليس شهادة لإيمانهم وعودتهم شيئا فشيئا.
[1] Sos مسيحيي الشرق
معرض الصروح الأثرية
المساهمة في الحفاظ على ذاكرة الصروح الأثرية
صور عائلية، مقاطع فيديو، شهادات، شاركونا ملفاتكم لإغناء موقعنا
أنا أشارك