قبر النبي ناحوم
يقع قبر النبي ناحوم في ألقوش 36.73833 شمالا ً 43.09614 شرقاً وعلى ارتفاع 565 متر.
يجسد جذور المجتمع اليهودي في بلاد ما بين النهرين ويكشف الأصل اليهودي لأوائل المجتمعات المسيحية المحلية.
ضريح ناحوم عبارة عن بناء من الأحجار العارية، مدمّر جزئياً في يومنا هذا. رسمياً، هو يعتبر كنيس، يضم في وسطه قبر النبي، ويوجد في الفناء الداخلي قبر سارة شقيقة ناحوم، كما يضم مدرسة دينية وقبو.
المبنى حالياً في حالة من الهشاشة الشديدة.
موقع قبر ناحوم
يقع قبر ناحوم على بعد 40 كم من شمال الموصل و10 كم من الشاطئ الشرقي لنهر دجلة 36.73833 شمالا ًو43.09614 شرقاً على ارتفاع 565 م في الطرف الشمالي لمدينة ألقوش في محافظة نينوى.
يقع هذا الحرم اليهودي على بعد 2 كم غرب دير الربان هرمزد ودير سيدة الحصاد. يحتل موقعه على شكل منحدر لطيف على سفح الجبل الكلسي لمدينة ألقوش، أعلى الكنائس الكلدانية لمار جرجس ومار ميخا.
ناحوم، نبي من الأمس إلى اليوم
يعرف ناحوم ضمن الكتاب المقدس كسابع نبي ضمن أسفار الأنبياء الصغار. عاش في القرن السابع قبل ميلاد السيد المسيح. يوجد هناك العديد من الفرضيات حول مكان ولادته. يقال إنه من مدينة ألقوش في الجليل، لكن يميل علماء السريانية لكونه من مدينة ألقوش في بلاد ما بين النهرين. هو لا يظهر إلا في كتاب نبوءاته، كتاب ناحوم، لكن تأثيره عظيم. تؤثر كتاباته بشكل عميق في شعب بلاد ما بين النهرين وبالأخص اليهود والمسيحيين وذلك لعدة أسباب. أولا ً: وحده الرب الأبدي هو الذي يعبّر عن نفسه من خلال هذا النبي. ومن ثم يتنبأ هذا السِفر بالدمار القادم على نينوى عاصمة السريان، أكبر مدينة وأعظم مملكة في العالم آن ذاك: ” ويل لمدينة الدماء! يملأها الغدر والرعب ولا يجول فيها طرف ٌ” (ناحوم 1:3)[1].
“فكل من يراك يأنف منك ويقول خربت نينوى فمن يرثي لها؟ ومن أين أطلب لها معزيين!” (ناحوم 7:3)
من جهة أخرى يعتبر مسيحيو بلاد ما بين النهرين جزء من المجتمع اليهودي المحلي ويحافظون على الرابط القوي مع جذورهم وعاداتهم.
وأخيراً، تلك الفوضى التي أحلّت بكل من الموصل، سهل نينوى وبلاد ما بين النهرين، تذكرنا بالنبوءة القديمة: “الرب بطيء عن الغضب وعظيم القوة. الرب لا يبرئ المذنب” (ناحوم 3:1) … “الرب صالح لمن يلوذ به ويصون المحتمي به في الضيق“ (ناحوم 7:1).
[1] جميع آيات الكتاب المقدس هي من “الترجمة العربية المشتركة من اللغات الأصلية”
نحو مصادر الهوية اليهودية لألقوش
الحفاظ على قبر ناحوم الألقوشي، نبي نينوى، يعتبر أكثر من تواطؤ من قبل التاريخ. هو بالأخص الشهادة الغير قابلة للجدل لجذور الهوية اليهودية في قلب بلاد ما بين النهرين قديماً.
تبشير ومسيحية ألقوش، التي تعتبر إحدى أقدم المدن المسيحية في شمال العراق، قد تأصّلوا ضمن المجتمع اليهودي المحلي. مصدر هذه الهوية ليس فقط معروف بل معترف به أيضاً وبوضوح من قبل الألقوشيين (سكان ألقوش).
هذه الشهادة للأصول اليهودية لألقوش مدوّنة أيضاً ضمن أسماء وأصول الأماكن الخاصة بالمدينة والتي تشير لوجود شخص يهودي قديماً يدعى ألقون.
أخيراً، المصادر اللغوية السريانية والعبرية تؤيد نفس المنشأ، حيث في الحالتين، ألقوش يعني ” الرب قوسي”.
هنا، حيث تأثير ألقوش المسيحية يعتمد على قربها من دير الربان هرمزد ودير سيدة الحصاد، فإن شهرتها اليهودية تعود لبقاء قبر النبي اليهودي المشهور ناحوم وأخته سارة فيها.
قبر ناحوم، موقع قديم لا يزال حياً
يُشهد على قِدم ضريح ناحوم منذ زمن بعيد. يوجد تعريف قديم لكنيس (وليس لضريح) ناحوم الألقوشي يعود للقرن الثاني عشر، لكن بعض العناصر التاريخية تسمح أيضاً بتأريخه للقرن العاشر. استعادة وإعادة بناء الكنيس الحالي يعتبر حديث نسبياً فهو يعود لنهاية القرن التاسع عشر. يقدم مسافرو القرون الماضية كالقرن الواحد والعشرون نفس الملاحظة: ” سكان ألقوش يتظاهرون بملكية قبر النبي ناحوم وشقيقته سارة”[1]. لا شيء يشهد على أصالة القبر سوى التقاليد.
بنجامان دي توديل، الرحالة اليهودي المعروف من نافار في القرن الثاني عشر، والذي زار المجتمعات اليهودية في بلاد ما بين النهرين، يذكر قبر ناحوم “الألقوشي” في كتابه علاقة السفر.
في القرن التاسع عشر ذهب العديد من المستكشفين إلى هناك: عالم الآثار والدبلوماسي البريطاني أوستين هنري لايارد، الذي زار القبر عام 1849. المبشر الأنجلكاني جورج بيرسي بادجر كان أيضاً هناك ضمن إحدى رحلاته لبلاد ما بين النهرين عام 1850. ” أحد الكلدانيين، وهو الحارس، (لا يوجد أي يهودي مقيم في ألقوش ) أرانا داخل المبنى الذي لا يمثل سوى غرفة بسيطة مع سقف مسطح مدعّم بعدة أعمدة. يقع القبر تقريباً في وسط الغرفة ويتألف من تابوت مغطى بقماش أخضر ضمن علبة من الرخام المزخرف. على القبر رأيت العديد من المطبوعات لنبوءات ناحوم، وفي الخلف على الحائط، تسجيل طول باللغة العبرية“[2]
عالم الجغرافيا المستشرق فيتال كينه علّق على غرار أسلافه قائلا ً: ” اليهود الموجودين في المنطقة يأتون إلى هنا عدة مرات كرحلات حج لشجب مصائب صهيون عن طريق تراتيلهم “[3].
فيما مضى كان اليهود يأتون بأعداد كبيرة خاصة بعد خمسين يوماً من عيد الفصح اليهودي. بالرغم من قلّة هذه الزيارات، لا يزال هذا التقليد موجوداً حتى يومنا هذا.
يأتي أعضاء المجتمع اليهودي في كردستان العراق من وقت إلى آخر لتقديم التوقير لقبر ناحوم. اليوم أيضاً ولعدم وجود مقيمين يهود في ألقوش، يقوم حارس كلداني من المدينة بالاحتفاظ بمفتاح الدخول للضريح.
[1] تركيا الآسيوية – توم الثاني، فيتال كينيه,باريس,الناشر ايرنيست لورو, 1891, p 829.
[2] النسطوريين وعاداتهم: بسرد من بعثة إلى بلاد ما بين النهرين وكردستان في 1842-1844, ومن آخر زيارة لهذه البلدان عام 1850, القس جورج بيرسي بادغر, لندن: جوزيف ماسترز, 1852.
[3] تركيا الآسيوية – توم الثاني، فيتال كينيه,باريس,الناشر ايرنيست لورو, 1891, p 829.
ماذا أصبحوا بقايا ناحوم؟
عام 1891، فيتال كينه علّق قائلا ً: ” في عام 1883، تم خطف الهيكل العظمي المقدس، ليلًا و بشكل سرّي ، ونُقل ضمن كنيسة مسيحية دون علم اليهود الذين استمروا، وإلى الآن بتبجيل القبر الفارغ “[1].
تم وضع عظام ناحوم، التي تم استبدالها ضمن الضريح بعظام تعود لحمار أو لخاروف، ضمن كنيسة مار ميخا الألقوشي. في الواقع، نجد ضمن كنيسة مار ميخا حجر الأساس في أسفل العمود اليميني[2] للباب المقدس الذي يشير باللغة السريانية لموقع الهيكل العظمي المقدس لناحوم ضمن جرّة مختومة في البناء.
حديثاً، في تموز 2017، شاهد عيان من ألقوش ويدعى لويس دجومه، روى لنا وبصوت حي ما عاشه عام 1976. ” تم استخراج عظام ناحوم من العمود ووضعوا في إناء تم ختمه. أعيد الإناء ضمن عمود الباب المقدس، أي في نفس المكان الذي كان يحوي العظام سابقاً“[3].
اعتبرنا هذه المعلومة جديرة بإيماننا.
ما تبقى الآن، التصديق على أصول العظام المنسوبة إلى النبي ناحوم، حيث تسود التقاليد بسبب غياب العلم.
لماذا إذاً تم سرقة الهيكل العظمي المقدس لناحوم؟
الإجابة معروفة. لم يتمكن مسيحيي ألقوش، المولعين بذكرى نبي نينوى، من الحصول على ملكية الكنيس عن طريق القضاء. فقاموا بحل المشكلة عن طريق سرقة العظام.
يقال أن المجتمع اليهودي يرفض عملية رد الحقوق خوفاً من التدنيس المحتمل للعظام المقدسة في حال استرجاعها. مهما حصل، فإن التراث المحلي يساعد على امتداد الأسس التاريخية. العظام الموجودة ضمن الضريح لا تزال مبجّلة كما لو أنها تعود لناحوم.
[1] Id.
[2] على اليمين أثناء مشاهدة المذبح, لكن على اليسار أثناء مشاهدة الصحن. هذا الاختلاف يفسر ومن دون شك أن جان موريسر فييه حجر الأساس لناحوم على يسار الباب المقدس في كتابه آشور المسيحية.
[3] شهادة لويس دجومه, من سكان ألقوش.
ضريح ناحوم، هندسة معمارية جميلة في خطر
ضريح ناحوم عبارة عن بناء من الأحجار العارية، مدمّر جزئياً في يومنا هذا. رسمياً، هو يعتبر كنيس، يضم في وسطه قبر النبي، ويوجد في الفناء الداخلي قبر سارة شقيقة ناحوم، كما يضم مدرسة دينية وقبو.
يحيط البناء سورعدّة أجزاء منه منهارة. للدخول إلى الموقع يجب العبور غرباً من خلال باب صغير أثري على شكل قوس منخفض مدعّم بصفيحة معدنية ومغلق بقفل بسيط.
يشغل الفناء الداخلي ثلث المساحة الكلية. في الشمال، الغرب والشرق توجد غرف متعددة.
الكنيس وضريحه يحتلون النصف الجنوبي من الموقع. في الزاوية الشمالية الغربية يوجد الضريح الصغير لسارة شقيقة ناحوم وهو عبارة عن غرفة فارغة مغلقة بواسطة صفيحة خشبية قديمة جداً موضوعة على باب نصف دائري. لا يمكننا قراءة أياً من القوش الموجودة عليه.
في الطرف الآخر من الساحة باتجاه الشرق، على طول جدار الضميمة لا تزال توجد أبنية المدرسة على مستويين مختلفين. لا شيء يسمح لنا اليوم باسترداد الحياة التي كانت سائدة في هذا المكان.
مدخل الكنيسة عبارة عن باب حجري منحوت حيث توجد أعمدة يعلوها قوس هلالي. لا يزال شقّي الباب في مكانهم يغطيهما لوحات نحاسية. على الشق الأيمن توجد مطرقة على شكل يد. على العمود الأيمن نجد حتى يومنا هذا “المازوزة” ، نموذج من التراث اليهودي. مباشرة بعد المدخل، يتوجب هبوط سبع درجات للدخول إلى الكنيس الذي لا يزال يمثل هندسة معمارية جميلة من الحجار المغلفة حيث الخزائن محمولة بواسطة أربع أزواج من الأعمدة المنخفضة والصلبة. قبر ناحوم مثبت في وسطه، مغلق بواسطة شبك معدني مشغول موضوع بين الأعمدة الأربعة المركزية. قبر النبي مستطيل الشكل ولايزال مغطى بقماش أخضر.
يمكننا أن نقرأ على الأعمدة والجدران التسجيلات العبرية. بوجد على الحائط الغربي للكنيس محرابان مرئيان. الأول لبكرات التوراة والآخر لوضع وحرق شموع النذور.
والذي يترك أثراً في النفس حالة الأطلال للجزء السفلي للجدران الجانبية للكنيس. الأقسام محطمة. الحجارة مكدسة في أكوام تنزلق تدريجياً على الأطراف الجنوبية للشبك المعدني للقبر.
من المؤكد أن سقفاً من الصفائح المعدنية قد بني فوق الضريح لكنه لا يمنح إلا حماية نسبية جداً.
كان عليه أن ينذر بأعمال ترميم، لكن هذا ليس بحقيقة حتى يومنا هذا.
المبنى حالياً في حالة من الهشاشة الشديدة.
معرض الصروح الأثرية
الأثرية المجاورة
المجاورة
المساهمة في الحفاظ على ذاكرة الصروح الأثرية
صور عائلية، مقاطع فيديو، شهادات، شاركونا ملفاتكم لإغناء موقعنا
أنا أشارك